مقالات // كل المقالات // صرخة في وجه الزوبعة: نشرة القوس لصيف 2020

صرخة في وجه الزوبعة: نشرة القوس لصيف 2020

لم تتوقّف النقاشات حول قضايا التعددية الجنسية والجندرية في العام الأخير ما خلق مساحات للحوار حول هذه القضايا وجعلها محطّ  جدل مجتمعي على الرّغم من كون العنف لا يزال هو السمة الغالبة فيها؛ ابتداءً بالعنف الذي طال أشخاص تعيش توجهات جنسية وجندرية مختلفة حتّى بعد موتهنّ/م في فلسطين والعالم العربي، وكل ما نتج عن ذلك من ألم وتضامن، مرورًا بال"جدل" الحادّ حول قضيّة شركة طحينة الأرز ودعمها لمؤسسة مثليّة إسرائيليّة، وما لمسناه من تجاهل ومحي للأصوات والتجربة الكويريّة الفلسطينيّة، وأخيرًا النقاش حول قانون ما يسمّى "العلاج الإصلاحي" الذي تحوّل لنقاش عام حول قضايا التعددية الجنسية والجندرية في مؤسسات المجتمع المختلفة أبرزها الأحزاب والمؤسسات النفسيّة.

في وسط كلّ هذه الزوبعة كان لنا كأشخاص نعيش توجهات جنسية وجندرية مختلفة وكمؤسسة القوس صرخة عالية وغاضبة وقويّة أردناها أن تعلو على الزوبعة، وذلك من خلال وقفة "صرخة كويريّة للحريّة" وفعاليات عدّة مختلفة في الأشهر الأخيرة:

صرخة كويريّة للحريّة

نظّمنا يوم الأربعاء 2020/7/29 وقفة في ساحة الأسير في مدينة حيفا بعنوان "صرخة كويريّة للحريّة". لحظة هامّة وحاسمة عملنا لأجلها في ظروف ليست سهلة وتحدّيات ليست بسيطة. صوت الهتاف والطّ بل صدح عاليًا، أعلام فلسطين وقوس قزح بين الجموع، ولافتات بمقولات عدّة مرفوعة للمارّين والكاميرات. التقينا ما يقارب المئتيّ شخص، نزلنا للشارع وسِرنا به، هتفنا وطبّلنا وخطبنا بغضب وحبّ وفرح.

للعام الثاني على التوالي وقفنا مواجهات ورافضين ومتحدّيات. معظم الحضور من المثليات والمثليين والترانس والبايسكشوال وأشخاص يعيشون توجّهات جنسيّة وجندريّة مختلفة، وهو بحدّ ذاته إشارة لتغيير ما بالنسبة لنا، بمشاركة صديقاتنا وحلفائنا من المؤسسات والحراكات النسويّة اللواتي كان وجودهنّ مركزيًا، وحضور لافت جدًا للأعمار الأصغر، ومشهد يبعث بجلّه على النشوة والحماس.

سبق الوقفة أسبوع من الحشد وحثّ الشارع الفلسطيني على أهميّة الالتفاف لأصواتنا، وذلك من خلال فيديو شارك به ناشطات ونشطاء القوس وصل لأكثر من عشرين ألف مشاهدة، وتوزيع ملصقات في شوارع مدن فلسطينية مختلفة هي القدس ويافا وحيفا والناصرة.

حرصنا أن تكون الوقفة مفتوحة ومحتوية للجميع من مثليات ومثليين وترانس وبايسكشوال وجميع التجارب الجنسية والجندرية المختلفة، بغضّ النظر عن الاختلافات السياسية والتنوع في الآراء، سواء نشطاء القوس أو أصدقاء أو نشطاء في حراكات ومجموعات عدّة. كما لم نغفل تعليمات السلامة والوقاية بسبب الوضع الصحّي من خلال الالتزام بالكمامات والتباعد الجسدي.

واختتمنا الوقفة بمجموعة كلمات من المجموعات النسوية والكويريّة المشاركة، فتحدّثت غدير الشافعي من أصوات عن الدعم المجتمعي والعائلي والتضامن مع القضايا الكويريّة، إضافة إلى حلا مرشود من طالعات التي ركّزت على النضال النسوي والكويري الموحّد ضد جميع أشكال القمع، واختتمنا الوقفة بكلمة من القوس ألقتها حنين معيكي، كان في مركزها الانطلاق من إرهاقنا وآلامنا نتيجة العنف والقمع المستمرّ نحو تغيير وحوار أكبر في مجتمعنا.

عن مشاعرنا: كوميكس ترويحة 3

أطلقنا خلال الأشهر الثلاث الأخيرة الموسم الثالث من كوميكس ترويحة قصص مصوّرة تتناول تجارب مراهقات/ين يعشنَ توجهات جنسية وجندرية مختلفة. بعد أن ركّز الموسم الأوّل على المدرسة، والموسم الثاني على العائلة، جاء ترويحة هذا العام ليضيء على موضوع المشاعر وتعاملنا معها وتشكّلها، وتحديدًا ما يرتبط بها بجنسانيّتنا وتجربتنا الجنسيّة والجندرية.

جاء تأطير موضوع المشاعر في ترويحة 3 باعتبارها بنى سياسيّة ومجتمعيّة كباقي البنى التي تتشكّل نتيجة للمنظومة التي نعيشها وتؤدّي وظائف مختلفة ضمنها، وكانت مواضيع الحلقات الثمانية على الترتيب: الوحدة، الذنب، الفقدان، كره الذات، القلق، الغضب، الغيرة، وأخيرًا حلقة ختامية وتلخيصيّة حول تعاملنا مع مشاعرنا ورؤيتنا لها.

شكّلت ترويحة 3 فرصة مميّزة لفتح النقاش حول موضوع متروك جانبًا في العادة، خاصّة عند أشخاص في أعمار المراهقة ويعيشون تجارب جنسية وجندرية مختلفة، حيث تصفّح كل حلقة من الحلقات المختلفة حوالي 4000 شخص على مواقع التواصل الاجتماعي للقوس وموقع ترويحة.

كما امتدّ النقاش حول مواضيع الحلقات المختلفة من خلال نصوص تفاعليّة على زاوية جدل في موقع جيم، وجدل هي مساحة مفتوحة لمساهمات وردود قراء وقارئات جيم تُنشَر دون تحريرها وتتوافق مع سياسات مبادئ الموقع. شكّلت الكتابة على جدل فرصة مميّزة وجديدة لتوسيع النقاش حول الموضوع بشكل أكبر من العمل نفسه والقئة العمريّة المستهدفة، ولإبراز أصوات نشطاء القوس وتجاربهم حيث كانت معظم المشاركات حول التجارب الشخصيّة للكاتبات مع المشاعر المختلفة.

فعاليّات رقميّة: لقاء مفتوح وتدريب وورشة تأمّل ومشاركة

عقدنا في حزيران لقاءً رقميًا مفتوحًا للمرّة الثانية بالاشتراك مع مجموعات نسويّة وكويريّة تعمل في منطقتنا هي جيم، مشروع الألف، وموجودين. تناول اللقاء موضوع أحداث مهمة تتعلّق بقضايا التعددية الجنسية والجندرية في أقطار مختلفة وما دار حولها، وتحديدًا دور الإعلام فيها.

شاهد اللقاء في بثّه المباشر مئات الأشخاص الذين شاركوا في الأسئلة والتعليقات التي تفاعل معها المتحدّثات/ين، وشاهد تسجيل اللقاء ما يزيد عن خمسة آلاف شخص. بعد اللقائيْن الأوّل والثاني سنستكمل مع المجموعات والمؤسسات الشريكة سلسلة "نقاشات كويريّة في المنطقة" بطرح مواضيع آنيّة وهامّة تخصّ قضايا التعددية الجنسية والجندريّة في المنطقة.

وعقدنا تدريب معرفة متقدمة في قضايا التعددية الجنسية والجندرية للمرّة الأولى رقميًا كاستكمال للجزء الأوّل الذي غطى أساسيّات في قضايا التعددية الجنسيّة والجندرية. سمح عقد التدريب رقميًا بانضمام وجوه جديدة، حيث حضر التدريب 12 ناشطة وناشط من منطقة القدس، وبذلك نكون انهينا هذا الجزء في القدس بعد إنهائه في رام الله، حيفا، و يافا سابقاً، وسنستمرّ بعقد هذه التدريبات بشكل دوري ونراكم عليها لنبني على المعرفة التي شكّلناها فيها.

وكما ذكرنا في بداية النشرة، كانت الأشهر الأخيرة مليئة وضاجّة بخصوص قضايا التعددية الجنسيّة والجندريّة، وتتالت الأحداث العنيفة واحدًا تلو الآخر. من البديهي أن تنتج هذه الأحداث أفكارًا ومشاعر كثيرة لدينا كمثليات/ين وترانس وبايسكشوال، ما دفعنا لخلق مساحة لتأطير هذه المشاعر والتمعّن فيها.

نظّمنا في نهاية تمّوز ورشة رقميّة لهذا الغرض كجزء من سلسلة ورشات رقميّة بعنوان "عن سؤال"، بدأت كاستجابة لحاجة اللقاء رقميًا في وقت الحجر، وارتأينا فيها فرصة لتطوير سلسلة من اللقاءات لإتاحة إطار للتفاعل والمشاركة لأي شخص لا يستطيع الوصول إلى تدريباتنا ومجموعاتنا سوى رقميًا.

شارك في الورشة 15 شخص من مناطق مختلفة تتعدّى الحدود المعهودة التي نعمل ضمنها، وأدارها موجّهي مجموعات مختصّين من طاقم القوس، وتمحورت المشاركات حول التعامل مع هذه الأحداث على مستوى المشاعر والأفكار، والفرص الكامنة في هذه النقاشات للتغيير والحوار. وتستمرّ ورشات "عن سؤال" الرقميّة حول مواضيع يوميّة ملحّة ترتبط بقضايا التعددية الجنسية والجندرية.

فرص في الخريف: دورة تأهيل الخطّ  والمدرسة الأكاديميّة

بعد تعب الصّرخة وما قبلها وما بعدها، عدنا مفعمين بنشوتها بطاقة وحماس للعمل على مشاريعنا. أطلقنا في آب دعوة للتسجيل في دورة تأهيل التطوّع في خطّ  الإصغاء والمعلومات الذي تزداد أهميّته عامًا بعد آخر مع ازدياد ظهور قضايا التعددية الجنسية والجندرية وبالتالي ازدياد الحاجة للدعم والمعلومات حولها.

انطلقت دورة التأهيل بداية هذا الشّهر وستستمرّ على مدار 12 لقاء تخوض فيهم المشاركات/ين مسار يتضمن قضايا ذات علاقة بالفرد ودوائر انتمائه خاصّة كون التطوّع يعتمد على مبدأ دعم الأقران أي أن المتطوّعات/ين ايضًا يعيشون تجارب جنسية وجندرية مختلفة، اكتساب مهارات إصغاء وإدارة محادثات، قضايا مرتبطة بعلاقة متطوع/ة متوجه/ة، والتعرف على عمل الخط، وذلك بأساليب وطرق متنوّعة.

كما فتحنا باب التسجيل للمدرسة الأكديميّة الرابعة للتعددية الجنسيّة والجندريّة التي تحمل هذا العام عنوان "من الألم للأمل: مواجهة المنظومة كجدوى مستمرّة"، وتنطلق من أحداث المواجهة النسوية والكويريّة التي وقعت في العام الأخير وفتحت أفقًا جديدًا للأمل والتغيير.

كما هو متوقّع، غيّرنا مبنى المدرسة الأكاديميّة هذا العام للحيّز الرقمي بسبب الظروف الصحيّة، حيث تمتدّ على مدار خمسة لقاءات أسبوعيًا، بمضامين وطرق متنوّعة للنقاش والتفكير. سجّل للمدرسة ما يزيد عن 50 شخص، وانطلقت يوم السبت الماضي بلقائها الأوّل بحضور متنوّع ومتعطّ ش للنقاش، ويحاضر فيها مجموعة من الناشطات الكويريّات والنسويات، والأكاديميين/ات من خلفيات معرفية مختلفة.

حياتنا الكويريّة: إحنا والعائلة

إحنا والعائلة، كان موضوع المساحة التفاعليّة التعلّميّة "حياتنا الكويريّة" التي نفتحها في القوس للمرّة الثانية بعد "إحنا والعلاقات". حياتنا الكويرية هي مساحة للتفاعل مع تساؤلاتنا وهمومنا ومخاوفنا اليومية المعيشة، نستخدم منصّة الانستغرام وسيلة لها لما فيها من إمكانيّات تفاعل ومشاركة أفكار وتساؤلات ومجهوليّة للمشاركات/ين.

تنوّعت مواضيع حياتنا الكويرية هذه المرّة لتشمل تركيبة علاقتنا مع عائلاتنا، تعامل عائلاتنا مع ميولنا الجنسية وهويّتنا الجندريّة، أدوارنا المختلفة داخل العائلة، وغيرها. بالإضافة إلى مشاركة مواد ثقافية ومعرفيّة حول الموضوع مثل الأفلام والأغاني والنصوص الأدبيّة. تفاعل مع المساحة من خلال الإجابة عن الأسئلة أو الإنبوكس أو حتّى التوجّه لخطّ  الإصغاء والمعلومات لاحقًا المئات من الأشخاص الكويريات/ين ومن أصدقاء القوس.

مشاركة مع أصوات فلسطينيّة في الخارج

شاركنا نهاية الشهر الماضي في ندوة رقميّة مع مجموعة من المؤسسات والمجموعات الفلسطينيّة في ما يسمّى "الولايات المتّحدة" حول أصوات وتجارب الفلسطينيبن في العمل السياسي. شاركت نسرين عبد العال من القوس بمداخلة حول محي التجارب الكويريّة الفلسطينيّة في الإعلام الغربي، وفي المقابل التزام القوس بتوفير إطار ومرجعيّة سياسيّة آمنة لأشخاص فلسطينيين يعيشون تجارب جنسية وجندرية مختلفة، والإمكانيات الجذريّة لتشكيل قوّة خارج إطار الدولة ومؤسساتها.

المتحدّثة نسرين عبد العال شاركت ببرنامج الزمالة في القوس لهذا الصيف، وهو برنامج يسعى لزيادة دمج نشطاء فلسطينيات/ين في الولايات المتحدة في النشاط الكويري الفلسطيني، وتوسيع القاعدة الشعبيّة للقوس هناك.

القوس في الإعلام:

تقرير على موقع عرب48 للصحافيّة سهى عرّاف عن التحوّلات المجتمعيّة حول قضايا التعددية الجنسية والجندرية: https://bit.ly/3lcVs8r

مقابلة على راديو الشمس في برنامج يوم جديد مع زهير بهلول، يحاور عمر الخطيب من القوس حول وقفة صرخة كويريّة للحريّة والنقاش المجتمعي الأخير حول قضايا التعددية الجنسية والجندرية: https://bit.ly/3hmC0n7

أخبار صحفيّة حول وقفة "صرخة كويريّة للحريّة" على موقع عرب48: https://bit.ly/3gkSZVF

وموقع صيحات النهار اللبناني: https://bit.ly/2CQXgT4

كلمة القوس في وقفة "صرخة كويريّة للحريّة" باللغة الإنجليزية على موقع موندويز: https://bit.ly/2EhPCBW

photo