المقالات // من القوس إلى حنين معيكي: ندرك الأثر، نقدّر القيادة، ونكمل النضال

من القوس إلى حنين معيكي: ندرك الأثر، نقدّر القيادة، ونكمل النضال

نشرت هذه المادة سابقاً في تقريرنا السنوي لعام 2020، تجدونه هنا.


من القوس إلى حنين معيكي:

ندرك الأثر، نقدّر القيادة، ونكمل النضال

لسنوات طويلة، ارتبط اسم القوس باسم حنين معيكي، كما ارتبط اسم حنين معيكي باسم القوس. تشكّل هذا الارتباط للجهود الهائلة التي وضعتها حنين في بناء المؤسسة، ولمساهمتها الأكبر فيها لتبقى فعالة وحيّة ومؤثرة. أنهت حنين معيكي مع نهاية العام الماضي دورها كمديرة تنفيذيّة للقوس، الأمر الذي بدأنا بتخطيطه والتجهيز له منذ ثلاث سنوات، وترجمناه لمسار عمل في العام الأخير، ونعيشه بكثافة مع طيّ صفحة عام والبدء بآخر مع مديرة جديدة.

من المؤكد أن مسار بناء مؤسسة كالقوس لم يكن يومًا مفروشًا بالأزهار، ولم يكن ليحدث بالأمنيات والنيّات الحسنة؛ بل احتاج لقيادة فذّة وملهمة قدّمتها حنين. من المهم لنا في هذه المرحلة الفارقة للقوس أن نتوقف وقفة تأمّل جديّة، وأن نقول نشطاءً وطاقمًا ومجلس إدارة أننا ندرك الأثر الجليل لهذه القيادة، ونقدّرها، ونكمل على ما راكمت النضالَ والتغيير.

منذ بدايات القوس، شكل اعتمادها على جهود وقدرات النشطاء جزءًا أساسيًا من هويتها، واعتمدت على العمل الجماعي والتشاركي لتحقيق أهدافها. بنينا عبر السنوات فرق عمل ومجموعات نشطاء وقواعد شعبية كبيرة ومتنوعة، كانت دومًا بحاجة لقيادة تحفّز وتنسّق وتشجّع، قيادة تزرع الأمل وتعطي مساحة للطاقات الموجودة، قيادة لا تكلّ ولا تملّ بناء المجموعة وتعزيز علاقاتها وفتح شبكات دعم لها، قيادة تحمل المجموعة وتنطلق بقدراتها وطاقاتها لأقصى إمكانياتها. نعي جيدًا أنه دون الاستثمار في المجموعات المختلفة وإرساء دعائم القاعدة الشعبيّة الصلبة لما استطعنا أصلًا الوصول إلى هذه اللحظة من حياة المؤسسة بتغيير القيادة والانطلاق بقدرات وخبرات جديدة، فالقيادة الجديدة هي في الأساس حصاد ما زرعته قيادة حكيمة ومتبصّرة.

كما أضحت الهوية السياسية للقوس هي الأخرى جزءًا أساسيًا من هويّتنا وموجّهات عملنا، فنحنُ دون أي تلجلُج مؤسسة سياسيّة جذريّة مناهضة للأبويّة، والاستعمار، والرأسمماليّة. هذه الجزئيّة من كينونة المؤسسة تحتاج هي الأخرى لقيادة تثبّت اتّجاه البوصلة وتطوّر الفكر السياسي بتفاعله مع الممارسة والعمل اليومي. لا نُسقِط في القوس أي من مرتكزات هويتنا السياسية ولا نساوِم على المبادئ، وهو ما طوّرته المؤسسة بقيادة حنين معيكي. هذا الفكر السياسي ليس مُعطى ولا يأتي من العدم، بل هو نتاج لسنوات من تفاعل العمل اليومي على الأرض مع الفكر المتراكم لحراكات وأيديولوجيات تعلّمناها. معادلة التفاعل هذه التي تنتج فكرًا كفكر القوس تحتاج لبيئة حاضنة ليتبلور ويتطوّر، وكانت تجربة حنين الغنية خيرَ بيئةٍ له.

وأخيرًا، لا يكتمل العمل الجماعي والفكر دون إدارة فذّة وناجعة وعمليّة لأدقّ التفاصيل الصغيرة، فالقيادة الحقّة هي التي تنخرط في جميع مستويات العمل وتلمّ بكلّ مناحيه. تمكنت حنين على مدار السنوات من إدارة الحياة اليومية للمؤسسة بطريقة حققت أكبر الإنجاز والأثر بقيادة ملتزمة ومسؤولة وملهمة. الحياة اليوميّة للمؤسسة هي عالم بأكمله تتطلّب قيادته وإدارته شخصًا يعيش هذا العالم بكلّ ما فيه؛ باستخدام التكتيك الأنسب والحفاظ على الاستراتيجيّة، بالتعامل مع العنف اليومي بما فيه عنف الأصدقاء والحلفاء، وبالدفع بتطوير قدرات الطاقم، تنشيط الإدارة، والتواصل المستمرّ والعطاء الجمّ للنشطاء.

إلى جانب المعرفة والخبرة والقدرة التنظيميّة العالية التي امتلكتْها حنين، كانت سماتها الشخصيّة حاضرة في القوس وأثّرت على مسارها وهويّتها؛ سواء أكان الأمل اللامتناهي الذي تبثّه، أو الطاقات العالية التي تأخذ العمل بأكمله لوتيرة ومستوى مميّزيْن، والقدرة على تسمية الأمور ووضعها في نصابها.

لا تلبّي لحظة كهذه كلمات الامتنان والشكر، ولا تتّسع الصفحات لفيض المشاعر الموجودة. وما لنا سوى أن نقول أننا ندرك الأثر الجليل لقيادة حنين معيكي، ونقدّرها، ونكمل على ما راكمت النضالَ والتغيير الّذي نشدتْه. لا ينضب ما لدينا من ثقة وأمل لإكمال المسار مع الأدوار والمسؤوليات الجديدة، ونمتلئ بالحماس للعمل مع المديرة التنفيذية الجديدة للقوس حنين صادر.

photo