المقالات // كتاباتنا // مواقف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية من الحقوق الجنسية والجسدية

مواقف مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية من الحقوق الجنسية والجسدية

عن البحث

عملت مؤسسة القوس للتعددية الجنسية والجندرية في المجتمع الفلسطيني (ج.م) بالتعاون مع مؤسسة هينرش بل – مكتب فلسطين والأردن في رام الله على دراسة ميدانية، وهي الأولى من نوعها، حول الحقوق الجنسية والجسدية في منظمات المجتمع المدني الفلسطينية. نفذت وكتبت البحث همّت زعبي. تهدف الدراسة إلى استطلاع مواقف وآراء مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية حول مفهوم الحقوق الجنسيّة والجسدية وسبل تناول هذه المؤسسات لهذه الحقوق. كما تحاول الدراسة ومن خلال مقابلات معمقة مع شخصيّات مركزية في هذه المؤسسات، الوقوف عند الصعوبات والتحديات التي تواجه المؤسسات العاملة في المجال للاستفادة منها في بناء برنامج عمل يساهم في رفع الوعي الاجتماعي لهذه القضايا. كما تهدف إلى بناء شراكات واضحة مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، بناء على نتائج الدراسة وإنطلاقا من موقع المؤسسات ذات الصلة. وذلك إيمانا منا بضرورة توسيع دائرة العاملين على الحقوق الجنسية والجسدية والداعمين لها إذا أردنا أن نكون ذوو تأثير في المجتمع الفلسطيني.

تصب هذه الدراسة في صلب أهداف مؤسسة القوس التي تسعى ضمن عملها على موضوع التعددية الجنسيّة والجندرية إلى دعم الحقوق الجنسيّة والجسديّة في المجتمع الفلسطيني ونسعى من خلالها بناء آليات وطرق تدخل تضمن تحقيق المساواة الجنسية والجسدية لكافة فئات المجتمع الفلسطيني آخدين بعين الاعتبار السياقين الاجتماعي والسياسي للمجتمع الفلسطيني. الدراسة تضمن مقابلات مع 25 مؤسسة نسوية، نسائية، حقوقية وشبابية من كل أنحاء فلسطين التاريخية.

مقدّمة

لقد أثار موضوع ازدياد عدد الجمعيّات الأهليّة غير الحكوميّة الكثير من الأسئلة، وفتح نقاشًا حول أهمّيّة تطوّرها وتزايُد أعدادها. وقد حظيتْ هذه الظاهرة، منذ بداية الثمانينيّات، بجدل واسع؛ حيث حصلت على تأييد كبير من قِبَل مدارس فكريّة وسياسيّة معينّة، وفي الوقت نفسه هناك من عارضها بشدّة، ولا سيّما في دول "العالم الثالث" والدول الواقعة تحت الاحتلال.

الآن، بعد مرور أكثر من 30 عامًا على هذه الظاهرة، وعلى الرغم من النقاش المستمرّ حول دَوْرها كوكيلة تغيير وتأثير سياسيّ واقتصادي واجتماعيّ، والنقاش حول تأثير القوى العالميّة على استقلاليّتها وقدرتها على مواجهة ظروف القمع السياسيّ والاقتصاديّ العالميّ، لا يمكننا أن نتجاهل الحيّز الواسع الذي تشغله هذه المؤسّسات، في مجتمعات العالم الثالث عامّة وفي المجتمع الفلسطينيّ على وجه الخصوص.

تعمل مؤسّسات العمل الأهليّ الفلسطينيّ، كما المجتمع الفلسطينيّ عامّة، في ظروف اجتماعيّة وسياسيّة مركَّبة. فمن ناحية، تعمل هذه المؤسّسات في ظلّ احتلال وتدخُّلات سياسيّة عالميّة إقليميّة. ومن ناحية أخرى، تحاول هذه المؤسّسات العمل على تغيير اجتماعيّ في مجتمع يتميّز بكونه تقليديًّا محافظًا تحتكم فيه العلاقات الاجتماعيّة إلى نظام أبويّ وحمائليّ، وكثُرَ فيه مؤخَّرًا استخدام الخطاب الدينيّ كمرجعيّة لتنظيم العلاقات الاجتماعيّة.

مقابل هذه الظروف التي تؤثّر على شروط عمل هذا القطاع، وكذلك على رؤيته لدَوْرِه وأَجِنْداته الفكريّة والعمليّة، وتساهم في تحديد أولويّات عمله للتغيير الاجتماعيّ، مقابل كلّ هذا يحاول هذا القطاع، بتفاوتٍ معيّن، أن يطوّر آليّات لمواجهة هذه الظروف وتحدّيها. وعلى الرغم من هذا التحدّي ومن نجاحات معيّنة في بعض المجالات، ما زالت هناك مساحات مُخْرَسة وحقوق مغيَّبة من أَجِنْدة معظم المؤسّسات الأهليّة -وعلى رأسها الحقوق الفرديّة عامّة، والحقوق الجنسيّة والجسديّة على وجه الخصوص.

تشكّل هذه الدراسة، وهي الأولى من نوعها، محاولة متواضعة لوضع الحقوق الجنسيّة والجسديّة على طاولة البحث، كما تحاول الوقوف عند مواقف جمعيّات نسويّة حقوقيّة وشبابيّة من فلسطين حول الحقوق الجنسيّة والجسديّة وفتح نافذة للنقاش حولها. ويهدف التقرير إلى التعرّف على كيفيّة تناول هذه المؤسّسات لتعريف الحقوق الجنسيّة والجسديّة. ويحاول تعميق الفهم في الكيفيّة التي تنعكس فيها مواقف الجمعيّات من الحقوق الجنسيّة والجسديّة في تعاملها مع الطواقم المختلفة في المؤسّسة، من ناحية، وعملها الفعليّ من خلال المشاريع المختلفة للمؤسّسة، من ناحية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يتوقّف التقرير عند التحدّيات التي تواجه هذه المؤسّسات في تناولها هذه القضايا أو التحدّيات والمعضلات التي تعيق تناول هذه القضايا من وجهة نظر المؤسّسات نفسها. وفي النهاية، يتوقف التقرير عند توصيات المؤسّسات المختلفة للجمعيّات التي تنشط على نحوٍ مباشر في مجال الحقوق الجنسيّة والجسديّة ابتغاءَ الارتقاء بالوعي في هذا المجال.

لا يقدّم التقرير الحاليّ تحليلاً لحالة أو مكانة الحقوق الجنسيّة والجسديّة في مؤسّسات المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ، ولكنّه يحاول وصف الواقع الراهن لهذه القضايا في سبيل أن يساهم -من خلال التوصيف والاستنتاجات والتوصيات- في وضعها على الأَجِنْدة العامّة في ساحة العمل الأهليّ، كما يحاول المساهمة في تطوير عمل المؤسّسات الفاعلة في هذا المجال من خلال قراءة واقعيّة لمواقف الجمعيّات والتحدّيات التي تواجهها.

بادئ ذي بدء، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ التقرير يقوم بعرض النتائج دون ذكر أسماء المؤسّسات، وذلك لوعينا أنّ السرّيّة ضروريّة لضمان انفتاحٍ ما على هذا الموضوع المُخْرَس. وقد كانت إستراتيجيّة الحفاظ على سرّيّة مضمون المقابلات أحد المحفّزات التي شجّعت العديد من المؤسّسات على التعاون مع الطاقم البحثيّ، مع العلم أنّ هناك بعض المؤسّسات التي امتنعت عن التجاوب مع الطاقم البحثيّ ولم يَجْرِ إدخالها في هذه الدراسة.

يشتمل التقرير التالي على تحليل لمضمون مقابلات مع سبع عشرة مؤسّسة نسويّة ونسائيّة. تسع مؤسّسات حقوقيّة ومؤسّسات معنيّة في توفير خدمات لضحايا الاحتلال من الضفّة الغربيّة (يجري تحليل هذه الجمعيّات ضمن المؤسّسات الحقوقيّة لأنّ مرجعيّتها بالأساس مرجعيّة حقوق إنسان ومواثيق دوليّة)، أربع مؤسّسات شبابيّة من مناطق الـ 48. وقد عملنا على مراعاة التوزيعة الجغرافيّة، وقمنا بإجراء مقابلات مع جمعيّات في مناطق مختلفة من فلسطين التاريخيّة.

من الضروريّ الإشارة هنا إلى أنّ إيماننا أنّ فلسطين هي وحدة جغرافيّة واحدة تحتكم إلى سيطرة عسكريّة اجتماعيّة اقتصاديّة سياسيّة من قِبَل دولة إسرائيل، جعلَنا نختار تحليل المقابلات من هذا المنطلق، وامتنعنا عمدًا عن تحليل الجمعيّات بحسب مناطق 67 ومناطق الـ 48. مع هذا، ووعيًا منّا أنّ للمكانة السياسيّة المختلفة إسقاطاتٍ اجتماعيّةً وسياسيّة واقتصادية متفاوتة، أشرنا في صلب التحليل إلى هذا الاختلاف وتأثيره على القضيّة التي نقوم بدراستها.

تشير نتائج الدراسة أنّه، على الرغم من التشابه في بعض القضايا بين جميع الجمعيّات، ثمّة تفاوت واختلاف في قضايا أخرى بحسب تخصّص الجمعيّات؛ حقوقيّة وشبابيّة ونسائيّة ونسويّة. وعلى هذا، يقدّم القسم الأوّل من التقرير تحليلَ القضايا التي تتقاطع فيها الجمعيّات والتي لم تتأثّر بتخصّص عمل المؤسّسات. أمّا القسم الثاني فيتناول تأثير التخصّص على تناول المؤسّسة للحقوق الجنسيّة والجسديّة.
يتناول القسم الثالث من التقرير التحدّيات والصعوبات التي تحدّ، بحسب المؤسّسات المشاركة، التعاطيَ مع الحقوق الجنسيّة والجسديّة والطرق التي تواجه فيها بعضُ المؤسّسات المشارِكة التحدّياتِ والصعوبات، والعوامل التي تؤهّل بعضها لتناول هذه القضايا في مشاريعها المختلفة.
يتناول الجزء الأخير من التقرير توصيات المؤسّسات المشارِكة للمؤسّسات المعنيّة في هذه القضايا –وهي توصيات تحاول المساهمة في النهوض بالموضوع وتطويره.

لتحميل البحث، اضغط\ي هنا

photo
تهدف الدراسة إلى استطلاع مواقف وآراء مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية حول مفهوم الحقوق الجنسية والجسدية وسبل تناول هذه المؤسسات لهذه الحقوق
لا يقدّم التقرير الحاليّ تحليلاً لحالة أو مكانة الحقوق الجنسيّة والجسديّة في مؤسّسات المجتمع المدنيّ الفلسطينيّ، ولكنّه يحاول وصف الواقع الراهن لهذه القضايا في سبيل أن يساهم -من خلال التوصيف والاستنتاجات والتوصيات- في وضعها على الأَجِنْدة العامّة في ساحة العمل الأهليّ