اخبارنا // نشرة القوس ربيع 2020: العمل في ظلّ الوباء

نشرة القوس ربيع 2020: العمل في ظلّ الوباء

منذ بدء وصول آثار وباء كورونا إلى فلسطين، استشعرنا أهميّة أخذ خطوات احترازية على المستويين التنظيمي والمهني، من خلال قرارات تعلّقت بمشاريع وفعاليات قريبة أو مخطّ ط لها، وأخرى كانت وليدة قراءتنا لحاجات الفئات التي نعمل معها، فشرعنا في وقت مبكّر الاستجابة لها والتعامل معها.

مع منتصف آذار، أخذت لقاءاتنا تنتقل إلى الحيّز الرقمي بعد قرار بتوقيف الأنشطة الجماهيريّة التي تتطلّب تجمّع أشخاص، وانتقال طاقمنا للعمل من المنازل. إلّا أن نشاطين كان من نصيبهما التأجيل هما حفلة القوس الأولى لهذا العام، وتدريب جديد في رام الله حول النشاط في قضايا التعددية الجنسية والجندرية.

من جهة أخرى، استمررنا في العمل داخليًا على مشاريع الإنتاج المعرفي والثقافي؛ مثل بحث حول أنماط تفاعل العائلة الفلسطينية مع قضايا التعددية الجنسية والجندرية، وبناء داخلي مهني لمتطوّعات ومتطوّعي مشاريع الدعم، والعمل على كوميكس ترويحة في موسمه الثالث -قصص مصوّرة تضيء على تجارب مراهقات ومراهقين يعيشون توجهات جنسية وجندرية- وإنّ علّقنا نشره في الوقت الحالي مراعاة للظرف والجوّ العام في ظلّ الوباء.

لطبيعة القوس كمؤسسة شعبيّة جماهيريّة، كان لا بدّ لنا من استمرار العمل الجماهيري أيضًا وفقًا لما أنتجه الوضع الجديد من حاجات وتحدّيات. كنّا من اللحظات الأولى على تواصل مع نشطاء القوس وقياداتها، ومع من نملك تواصل من أشخاص يعيشون توجهات جنسية وجندرية مختلفة في فلسطين. تمسّكنا بفرص يقدّمها لنا الوضع الحالي، وتحدّينا ظروف صعّبت علينا لكن لم تثننا عن التواصل مع الجمهور، وكان لنا الإنجازات التالية:

تحدّي الحدود والانطلاق عربيًا

قدّم لنا العمل على الحيّز الرقمي -على الرغم من كلّ محدويّاته- إمكانيّة الانطلاق خارج الحدود الماديّة التي تمنعنا من اللقاء مع من هنّ/م أبعد جغرافيًا، وتحرم كُثُر من أن يكونوا جزءًا من القوس وفعاليّاتها. وفي هذه الأوقات حيث يشكّل الحيّز الرقمي مساحة نشطة ومنتشرة أكثر، عقدت القوس لقاءًا رقميًا مفتوحًا بالشراكة مع أربع مؤسسات عربية تعمل في مجال التعددية الجنسية والجندرية والجنسانية بعنوان "التحديات السياسية والمهنية للوباء من منظور مجموعات كويرية ونسوية".

شارك في اللقاء كلّ من سارة قدّورة من جمعية مشروع الألف في لبنان حيث قدّمت قراء عامّة للوضع السياسي في لبنان بتأثير الوباء، وتأثير ذلك على قضايا الجنسانيّة هناك. إضافة إلى داليا عثمان من موقع جيم التي ركّزت بدورها على الإنتاج المعرفي المتعلّق بقضايا الجنسانيّة وتأثير الوباء عليه.

أمّا ويما من جمعية موجودين في تونس فعرضت تأثير الوباء على ثلاث مجموعات مستضعفة في تونس هي عاملات وعمّال الجنس، طالبات وطالبيّ اللجوء، والأشخاص الذين يعيشون توجهات جنسية وجندرية مختلفة. وختامًا، شاركت حنين معيكي من القوس تحديات العمل الجماهيري مع القاعدة الشعبية وإمكانيات التواصل معها كمؤسسة قاعدية وجماهيرية.

حضر اللقاء المباشر أكثر من مئة شخص شاركوا بالأسئلة والملاحظات حول الوضع وعمل المؤسسات، واستمرّت مشاهدة والتفاعل مع اللقاء من خلال التسجيل بعد انتهائه أيضًا، ما ينمّ عن تعطّ ش ورغبة جماهيرنا لفعاليات شبيهة. شكّل التواصل مع مجموعات ومؤسسات عربيّة تعمل في قضايا التعددية الجنسية والجندرية والجنسانية بشكلٍ عام جانبًا ذا أهميّة كبيرة للقوس دومًا، إلّا أن الحدود المفروضة وقلّة الإمكانيات -وفي كثير من الأحيان طريقة العمل السائدة- حالوا دون ذلك، وبذلك تكون هذه الخطوة انطلاقة للعمل الإقليمي العربي بطرق شعبية ومثمرة أكثر.

ورشتيْن رقميّتيْن: علاقتنا مع عائلاتنا في الوضع الراهن

أعاد الواقع الجديد في ظل وباء كورونا والحجر الصحي وفرض التباعد الاجتماعي لمركز اهتمامنا العلاقة مع العائلة. لا شك أن علاقتنا مع عائلاتنا كأشخاص نعيش تجارب جنسية وجندريّة مختلفة -من مثليين/ات ووثنائيي/ات الميل الجنسي (بايسكشوال) وأشخاص ترانس وغيرها- هي عادة علاقة مركبة. إلا أنها تغدو في ظل الأزمة الحالية مكثّفة وأكثر تركيبًا، ما يجعل كل ما فيها من أسئلة ونقاط قوة وضعف في موضع مواجهة وتفكير مستمرّ.

فهمًا لهذه الحاجة، عقدنا في القوس ورشتين رقميّتين تناولتا موضوع تعاملنا مع العائلة في فترة الحجر وكلّ الأسئلة المتعلّقة في هذا الموضوع المركّب. حضر الورشتين التي يسّرها مهنيين من طاقم ونشطاء القوس ما يزيد عن 20 شخص، وظهرت قضايا تتعلّق بالمواجهة فيما يخصّ تجاربنا الجنسية والجندرية، الخصوصيّة، الإفصاح، وغيرها.

كما هو الحال مع اللقاء المفتوح عربيًا، أتاح لنا الحيّز الرقمي إمكانيّة انضمام أشخاص تعذّر اشتراكهنّ/م مسبقًا في ورشات القوس؛ مثل نساء يواجهن محدوديّة الحركة والخروج بعد ساعات معيّنة، أو بسبب حواجز استعماريّة ومحدوديّات جغرافيّة مثل أشخاص من قطاع غزّة المحاصر، أو فلسطينيّات/ين في الخارج.

ألف باء التعامل مع الوباء: همومنا في الحجر

في أماكن تواجدنا المختلفة في الحجر، تثير هذه فترة لدينا الكثير من المشاعر؛ منها ما يتعلّق بشكل مباشر بتفشيّ الوباء وما ينتجه من توتّر حول صحتنا وصحة من حولنا، والضبابية التي تحيط بالفترة القادمة وتأثير الوباء على الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وبشكل أكثر خاصّ، يثير الحجر مشاعر أخرى خاصّة بنا كأشخاص نعيش تجارب جنسية وجندرية مختلفة مثل تأجيج العزلة والوحدة، والخوف المرتبط بالعنف الذي نواجهه بسبب ميولنا الجنسية أو هويّتنا الجندرية، وانعدام الخصوصيّة وغيرها. وعليه، أطلقنا في الشهر الأخير سلسلة منشورات تحاكي هذه المشاعر والهموم واليوميّة الملحّة هذه الفترة، بهدف إبقاء خطّ  تواصل مع جمهورنا ومتابعينا والاستجابة للحاجات الأساسيّة التي قد تطرأ في ظلّ الوباء مثل الصحّة النفسية والجسدية والأمان وغيرها. اقرأوا المواد المختلفة من "ألف باء التعامل مع الوباء":

من البيت مش طالِع، طالِع

قد تكون فتر الحجر فرصة للتعرّف على مواد وقراءات جديدة، وبشكل أكثر خاصّ فرصة للتعمق أكثر في قضايا التعددية الجنسية والجندرية والجنسانية بشكل عام، خاصّة من نشطائنا وأشخاص يعيشون تجارب جنسية وجندرية مختلفة. قدّمنا في الشّهر الأخير من خلال سلسلة "من البيت مش طالِع، طالِع" اقتراحات وأفكار لمواد ثقافيّة ومعرفيّة وترفيهيّة مرتبطة بقضايا التعددية الجنسية والجندرية؛ لعلّ فيها الفائدة والتسلية واستغلال الوقت. انظروا الاقتراحات:

العمل قبل الوباء

استطعنا في الأشهر الثلاث الأولى من العام وقبل أن يغيّر الوباء معالم حياتنا تحقيق إنجازات من مشاريعنا الدوريّة والمستمرّة، كان أبرزها استمرار العمل مع نشطائنا وقاعدتنا الشعبية من المثليين/ات والأشخاص الترانس وثنائيي/ات الميول الجنسية (بايسكشوال) وغيرها من التجارب الجنسية والجندرية.

اختتمنا في نيسان مجموعة شبابية مميّزة وجادّة في حيفا من مجموعات "أنا، جنسانيّتي والمجتمع: استكشاف؛ معرفة؛ وتأثير"، طرأ في منتصف مسارها التغييرات المتعلّقة بالوباء إلّا أنّها لم تمنعنا من استكمالها رقميًا. كما أنهينا القسم الأوّل من سلسلة تدريبات للنشطاء حول قضايا التعددية الجنسية والجندرية في القدس الذي يقدّم مدخل في هذه القضايا، والقسم الثاني من السلسلة ذاتها في يافا التي سلّطت الضوء على حراكات نسويّة وكويريّة مختلفة، والأبعاد النظريّة والعمليّة لها.

أما على صعيد العمل مع المجتمع الأكبر، قدّمنا منذ بداية العام تدريبيْن لمؤسستيّ مجتمع مدني؛ الأوّل مع جمعيّة السوار في حيفا، وتحيدًا مجموعة نساء ذوات إعاقة بصريّة، والثاني مع مركز الطفولة في الناصرة لمجموعة شبيبة ضمن مسار توعية سياسيّ واجتماعية وبناء قيادات شابّة تشرف على مجموعات أصغر عمرًا لاحقًا. قدّم التدريبين مقدّمة ومصطلحات أساسيّة حول قضايا التعددية الجنسيّة والجندريّة مع ملائمة كلّ منهما للمجموعات الحاضرة.

كما أطلقنا في نيسان مبادرة خطّ ط لها وبناها منذ أشهر مجموعة من نشطاء القوس في المجموعات المحليّة هي "حياتنا الكويريّة"، تفتح مساحة للحوار والمشاركة وتقدّم معلومات ومقولات سياسية واجتماعية وتربويّة حول قضايا من صلب حياتنا الكويريّة المعيشة من خلال خاصيّة الستوري على الانستغرام لما فيه من مجهوليّة وإمكانيّات تفاعل. تناولت النسخة الأولى من "حياتنا الكويريّة" موضوع العلاقات العاطفيّة وكلّ الأسئلة والتحدّيات حولها، إضافة إلى مواد ثقافيّة وترفيهيّة مرتبطة.

لاقت النسخة الأولى من "حياتنا الكويريّة" تفاعلًا ملفتًا يشير إلى مدى أهميّة مبادرات شبيهة، ودارت المشاركات حول الصعوبات والتحدّيات التي تواجهنا كأشخاص نعيش توجهات جنسية وجندرية في تشكيل علاقات عاطفية، إضافة إلى إضاءات على تجارب مُرضيَة وملائمة.

انظروا حياتنا الكويريّة من خلال الهايلايت هنا.

القوس في الإعلام

منكم وفيكم: نحو تراث غير نمطي

نشرت مجلّة ماي كالي التي تعنى بقضايا مجتمعية و بشؤون الأقليات المهمشة و المواضيع المتعلقة بالفن البديل، مراجعة فنيّة لعمل القوس الموسيقي الأخير "منكم وفيكم". كتب المراجعة الكاتب موسى صالح الذي اشترك أيضًا في لقاء هوامش عقدته القوس بالاشتراك مع جمعيّة الثقافة العربيّة في منتصف شباط الأخير في مدينة حيفا.

جاء في المراجعة "إحدى تلك الموروثات هي التراث الغنائي الذي ساهم في تكوين جانب مهم من أفكارنا عن الحب وارتباطه بأدوارنا الاجتماعية وأجسادنا. من هذا المنطلق يحاول العمل الفني الجديد ضمن مشروع “غني عن التعريف” من إنتاج مؤسسة “القوس”، للتعددية الجنسية والجندرية، “توظيف أغاني تراثيّة شاميّة/ فلسطينيّة بهدف استكشافها كمساحة تعبّر عن تجاربنا ووجودنا".

القوس في بودكاست الميم العربي

استضاف بودكاست الميم العربي الذي يسلّط الضوء على تجارب كويريّة من المنطقة سواء في الوطن أو الخارج، نشطاء من القوس في حلقتين باللغتيْن الإنجليزيّة والعربيّة. تناولت الحلقة الإنجليزيّة موضوع الغسيل الوردي وتأطير القوس السياسي له كاستراتيجية استعماريّة عنيفة، إضافة إلى كيفيّة إحداث تغيير في قضايا التعددية الجنسية والجندرية في هذا السياق.

أمّا الحلقة العربيّة فركّزت على عمل القوس في فلسطين واستراتيجيّاتها المختلفة لإحداث تغيير مجتمعي، مع تطرّق إلى الملاحقة الأمنيّة والرسميّة وأثر السياق الاستعماري على عملها.

للاستماع إلى الحلقة الإنجليزيّة هنا، وإلى الحلقة العربيّة هنا.

photo