اِعرف أكثر

تحتوي هذه الزاوية على إجابات عن بعض الأسئلة التي قد تراودنا عند مشاهدة فيديوهات الحملة وَ/أو طرحناها أو طُرِحت علينا أثناء اشتراكنا في النقاشات المختلفة حول حملة "#ما_اختلفناش" على وسائل التواصل الاجتماعيّ وخارج العالم الافتراضيّ. تعتمد الموادّ المطروحة في هذه الزاوية على معلومات مهنيّة وعلميّة حديثة، وعلى تجربة القوس في الميدان.

هل المثليّون عملاء للصهيونيّة والإمبرياليّة؟

إحدى المقولات والأفكار المتداولة حول المثليّين في فلسطين هي أنّهم عملاء للصهيونيّة، أو أنّ المثليّة ظاهرة مستورَدة من الغرب. تعمل هذه الأفكار على تصوير المثليّة وكأنّها "ظاهرة" معادية للمجتمع وبعيدة مكانيًّا وفكريًّا وسياسيًّا عن سياقنا الفلسطينيّ. بَيْدَ أنّ للمثليّة وجودًا في فلسطين منذ القِدَم (انظر السؤال 1)، وقام الناشطون المثليّون بطرح القضايا الجنسانيّة منذ بدايات القرن الحاليّ، وفهمها في سياق المجتمع الفلسطينيّ وعلاقته بالاستعمار. بغية دحض هذه الخرافات، من المهمّ التعرّف على سياقها التاريخيّ وكيفيّة تَعزُّز هذه الفكرة ضدّ المثليّين في العقود الأخيرة؛ فلقد عملت الأجهزة الإسرائيليّة -على نحوٍ مكثَّف منذ الانتفاضة الأولى- على خلق أفكار دخيلة تُصوّرُ المثليَّ الفلسطينيّ عدوَّ مجتمعه من خلال إجراءات الإسقاط الأمنيّ والابتزاز ضدّ أيّ شخص يمارس سلوكيّات أو أسلوب حياة قد يناقض منظومة الأخلاقيّات الاجتماعيّة (علاقات مثليّة؛ علاقة جنسيّة خارج إطار الزواج؛ شرب الكحول؛ تَعاطي المخدّرات...).

استخدام منظومة الأخلاقيّات هذه ضدّ التنظيمات الفلسطينيّة في تلك الفترة دفعها إلى تبنّي الشعار "الإسقاط الأخلاقيّ هو الإسقاط الأمنيّ" ومحاربتها داخليًّا. كان هذا كافيًا لتعزيز هذه الأفكار في عقول الشعب الفلسطينيّ لاحقًا وكأنّها قيم متأصّلة في ثقافته، وكانت هذه بداية ربط المثليّة الجنسيّة بالعمالة والإسقاط بصورة جارفة ووَصْم أيّ شخص لا يعمل وَفق منظومة الأخلاقيّات الاجتماعيّة بأنّه خطر وتهديد يجب إقصاؤه عن المجتمع. تخدم هذه الخرافات أهدافًا استعماريّة تسعى لوضع المجتمع الفلسطينيّ في خانة "المتخلّف" ووضع الاستعمار والغرب في خانة "المتنوّر". إلّا أنّ الناشطين المثليّين يتصدَّوْن لهذه المحاولات من خلال استحضار التاريخ وإعادة القضايا الاجتماعيّة (ومن بينها تلك الجنسانيّة) إلى صُلب النضال السياسيّ ضدّ الاستعمار كجزء لا يتجزّأ من الخطاب المجتمعيّ الفلسطينيّ.

المزيد

ما هو دَوْر العائلة في التعامل مع أبنائها المثليّين أو المتحوّلين؟

لكلّ فرد منّا "قصّة" مختلفة مع الأهل. فالبعض يشعر بالارتياح الكافي لإطْلاع الأهل على توجُّهاته الجنسيّة والجندريّة، والبعض لا يشعر بهذه الحاجة. ويتراوح ردّ فعل العائلة بين الرفض أو الإنكار، والتعامل مع الابن أو الابنة على نحوٍ طبيعيّ. قد تكون العائلة هي الإطار الوحيد لتلقّي الدعم العاطفيّ والمادّيّ، ويستصعب البعض مصارحة الأهل خوفًا من فقدان هذا الدعم. فعائلاتنا موجودة في مجتمع يعطي أولويّة للجماعة قبل الفرد، وذاك يؤدّي إلى إخفاء العديد من القضايا "الفرديّة" من النقاش المجتمعيّ. فالمجتمع لديه مواقف سلبيّة تجاه الجنس والجنسانيّة بعامّة، لا تجاه المثليّة أو التحوُّل فقط، وهذا يولّد ضغطًا على العائلة لتتعامل مع أبنائها بالقسوة ذاتها، ولا سيّما أنّ علاقة العائلة مع المجتمع شائكة أيضًا وتعتمد على مفاهيم كمثل "سمعة العائلة" ومكانتها الاجتماعيّة.

بَيْدَ أنّ تعامُل الأهل قد يتغيّر مع الوقت، وذاك يحتاج إلى قدرة لدى الشخص المثليّ أو المتحوّل على مساندة الأهل وتوفير المعلومات واحتواء صدمتهم، وليست هذه الفرصة وَ/أو المقدرة متوافرة لدى الجميع. هنا يبدأ دَوْر الأهل في البحث عن المعلومات التي تساعدهم على فهم تجارب أبنائهم والتعامل مع الأفكار المخطوءة والمتوارَثة حول الجنس والجنسانيّة، وأن يصحّحوها هم بأنفسهم. ومن الجدير بالإشارة أنّ تعامُل العائلة تعاملًا صحّيًّا مع أبنائها بالرغم من هذه التحدّيات هو الأساس لتعزيز الصحّة النفسيّة للأبناء وللعائلة وللمجتمع عامّةً.

المزيد

ما هو دَوْرنا كمهنيّين/ات واختصاصيّين/ات ومربّين/ات في دعم المثليّين والمثليّات والمتحوّلين والمتحوّلات؟

تتمثّل وظيفة الاختصاصيّين والمربّين في دعم الأفراد في أيّ أزمة يتعرّضون لها، وتوفير المعلومات الصحيحة لهم ولبيئتهم. لكنِ الأشخاص المهنيّون هم قسم من المجتمع، وقد تكون لديهم الآراء المسبقة ذاتها السائدة عن المثليّين والمثليّات والمتحوّلين والمتحوّلات. بالرغم من الصعوبات التي قد تواجه الاختصاصيّ أو المربّي على الصعيد الشخصيّ، فإنّ التماهي مع المواقف والآراء الشخصيّة السلبيّة وعدم التعامل معها وتجاهُل الدوْر المهنيّ -كلّ هذا يزيد من الصراعات الداخليّة والأزمات النفسيّة التي يمرّ فيها الشخص المثليّ أو المتحوّل.

على الأرجح أنّ الشخص المثليّ أو المتحوّل واجه العديد من المصاعب والصراعات الداخليّة قبل تمكُّنه من التوجُّه إلى الاختصاصيّ أو المربّي. وإن قام الأخير بإعادة إنتاج القمع المجتمعيّ والانصياع للخرافات والأفكار المغلوطة، فإنّه لا يؤدّي واجبه المهنيّ والأخلاقيّ. كي يقوم المهنيّ بدَوْره على أكمل وجه، عليه أن يلتزم بأخلاقيّات المهنة: أن يتعامل مع الفضول الشخصيّ (وليس المهني) لديه، وأن يبحث عن المصدر الحقيقيّ للضائقة النفسيّة (لا أن يَعزوها إلى ميول الفرد بحدّ ذاتها)، وأن يبحث عن المعرفة والأبحاث الحديثة ويدرسها، وأن يفصل بين الآراء والمشاعر الشخصيّة ودَوْره ومسؤوليّته المهنيّة، وأن يدعم الفرد وأحاسيسه الشرعيّة، وأن يقوم بالإصغاء أوّلًا والتفكير العميق قبل إعطاء النصائح والحلول التي قد لا يحتاجها الفرد.

المزيد